كتاب التاريخ ثالث ثانوي اليمن القسم العلمي 2026

ثانيا - آثار الكشوف الجغرافية الأوروبية في العالم الجديد: كانت للكشوف الجغرافية الأوروبية في العالم الجديد الأمريكيتين، وأستراليا) آثار بعيدة المدى؛ حيث هاجر الكثير من الأوروبيين إلى المناطق المكتشفة فاستوطنوها وحلوا محل سكانها الأصليين الذين تم طردهم أو إبادتهم وتدمير حضاراتهم وثقافاتهم ومصادرة ثرواتهم ونهب خيرات بلادهم. وقد تنافست الدول الأوروبية في استعمار العالم الجديد إلا أن خططها وأساليبها الاستبدادية كانت واحدة في معاملة السكان الأصليين حيث نشرت الديانة المسيحية وحلتها محل ديانات السكان الأصليين، وفرضت لغاتها وجلبت العبيد إليها من أفريقيا في حركة تهجير لا إنساني بلغ أكثر من ثلاثين مليون أفريقي استخدموا كعبيد لزراعة الأرض واستخراج المعادن وبناء سكك الحديد.

من الناحية السياسية : ظهور إمبراطوريات بسطت نفوذها على مناطق شاسعة من العالم وأصبحت أوروبا مركز العالم وقائده سياسياً . من الناحية الاقتصادية: حيث فقد البحر العربي، والبحر الأحمر، والبحر المتوسط المكانة التجارية وتحولت طرق التجارة العالمية إلى المحيط الأطلسي، فكان لذلك نتائج اقتصادية كبيرة تمثلت في تدفق السلع التجارية على أوروبا وانتقال الثروات الضخمة المنهوبة إليها، والأرباح الهائلة من تجارة الرقيق وتجارة الأفيون، فانتعشت المدن الأوروبية وازدهر العمران فيها ونشأت البنوك وظهرت طبقة رجال الأعمال حتى بلغت قمة ازدهارها أواخر القرن الثامن عشر. من الناحية الدينية: فقد كانت معظم الرحلات الاستكشافية مصحوبة بالمبشرين الذين عملوا على التبشير بالديانة المسيحية، وخصوصاً المذهب الكاثوليكي في مستعمرات قارتي آسيا وأفريقيا، التي ترافقت فيها : مدافع الجنود، وبضائع التجار، وإنجيل المبشرين جنباً إلى جنب باستمرار.

رابعا - آثار الكشوف الجغرافية في الوطن العربي: ولعل من أهم الأدلة على هذه الآثار هو أنه عندما وصل الرحالة البرتغالي فاسكو دي جاما إلى ميناء كاليكوتا على الساحل الغربي للهند في ٢٧ آيار / مايو سنة ١٤٩٨م لاحظ أن هناك تجاراً عرباً في المدينة الهندية، وأن هؤلاء التجار يحظون بنفوذ كبير في البلاط الملكي، وهو أمر لم يكن يتوقعه، كما يقول الباحث الهندي بانيكار في كتابه «آسيا والسيطرة الغربية»، ويضيف بانيكار أن دي جاما رحل عن كاليكوتا ولكنه عاد على رأس أسطول بغرض تدمير السفن العربية في المحيط الهندي، بما في ذلك سفن الحجاج، كما أرسلت البرتغال أسطولاً آخر بقيادة لوبوسوارس وقام بهجوم مفاجئ على كاليكوتا، وقد حدا ذلك ملك كالكوتا على طلب مساعدة سلطان مصر المملوكي الذي أرسل بدوره أسطولاً يضم ١٥٠٠ جندي بقيادة أمير البحر حسين الكردي، وانضمت السفن المصرية إلى سفن ملك كالكوتا في صراع ضد الغزاة البرتغاليين، وكاد الهنود والمصريون يلحقون الهزيمة بالبرتغاليين أمام جزيرة ديو في فبراير سنة ١٥٠٩م لولا خيانة حاكم ديو الذي انضم سراً إلى البرتغاليين حارماً بذلك الأسطولين الهندي والمصري من الإمدادات. وقد كانت موقعة ديو بمثابة إيذاناً بعصر الهيمنة الإستعمارية الغربية في المحيط الهندي، فانقطعت العلاقات العربية مع الهند وجنوب شرق آسيا، وبخاصة بعد سيطرة العثمانيين على أرض العرب عام ١٥١٦م، حينما جاء سليم الأول إلى الشام.