كتاب الادب والنصوص والنقد ثالث ثانوي اليمن القسم العلمي 2026

الأدب في العصرين المملوكي والعثماني يطلق النقاد على أدب فترة حكم المماليك وفترة الاحتلال العثماني اسم ( عصر الاجترار الأدبي)، وهناك من يرى أنه من المجحف أن نجمع بين العصرين في التردي والانحطاط؛ إذ إن أدب العصر المملوكي رغم تخلفه عما كان عليه الأدب العربي في عصور الازدهار؛ إلا أنه يتميز عن العصر العثماني ببعض المزايا والخصائص الأدبية؛ ولهذا ستفصل بين العصرين استنادا إلى خصائص كل عصر. أولا : العصر المملوكي (٦٥٦ - ٩٢٣هـ ) بدأ هذا العصر منذ سقوط بغداد بأيدي المغول والتتار سنة ٦٥٦هـ ، الذين غزوا البلاد الإسلامية، واحتلوا كثيرًا منها، وارتكبوا الجرائم الفضيعة، واستولوا على بغداد واستباحوها بقيادة المجرم المغولي ( هولاكو)، فأتلفوا ما فيها، وأحرقوا البيوت والمساجد، وقتلوا مئات الآلاف من المسلمين في بغداد وغيرها، وانتهكوا الأعراض، واستعبدوا الناس، وأخذوا الأسرى واستخدموهم دروعا بشرية، وفعلوا الأفاعيل العظيمة، والجرائم المهولة، ولم يكن الازدهار العلمي حصنًا للمسلمين؛ حين لم يتوافر معه من عوامل القوة ما يشكل حماية ودرعا، بل صارت الكتب والمكتبات بنفسها فريسة للغزاة، فدمروا تراثها العلمي والأدبي الذي قضى أبناؤها في سبيل جمعه أزمنة طويلة، وأحرقوا كتبا نفيسة وأغرقوا الكثير منها في نهر دجلة. وكان ضعف الأمة الإسلامية وضياعها وتفرقها دليلا على مدى الانحطاط والسقوط الذي أوصلها إليه حكام بني أمية وبني العباس، حتى استباحها التتار، وهي تكاد تكون خالية من عوامل القوة، لكن البعض بفطرتهم قاموا بمحاولات التصدي للغازين، مثلما فعل المماليك الذين استغلوا جوانب ضعف الغزاة، وتصدوا للغزو المغولي بقيادة السلطان المملوكي (سيف الدين قطز ) وقائد جيشه ( الظاهر بيبرس) في معركة ( عين جالوت) وأنزلوا بهم هزيمة ساحقة، وبدأ عصر الحكم المملوكي.

العلوم والمعارف في العصر المملوكي نشطت في هذا العصر حركة التأليف، ووفرت الموسوعات التي جمعت في مجلدات ضخمة أنواعًا شتى من المعارف والعلوم، ومن أمهات الكتب في هذا العصر (ألفية ابن مالك) في النحو والصرف، ولسان العرب لابن منظور، و (القاموس المحيط) للفيروز آبادي. الأدب في العصر المملوكي اهتم المماليك بالأدب العربي، فعملوا على إنشاء المكتبات، وجمعوا المخطوطات، فنشط النثر العلمي، وكثرت المصنفات. لكن هذا العصر شهد ضعفًا في الشعر والنثر مقارنة بما سبقه من العصور؛ إذ خَفَتَتِ الروح الشعرية، وأصبح الشعر أقرب إلى النظم؛ وذلك لأنه لم يكن للماليك ميل إلى الأدب يتذوقون به الجمال الفني، مما أدى إلى شيوع روح التكلف والصنعة الشكلية والمعاني المتكررة، كما ظل النثر مقيدًا في لغة مصنوعة متكلفة. أسباب اهتمام المماليك باللغة العربية والنهوض بالتراث العلمي إدراكهم لمكانة اللغة العربية في نفوس أبناء الأمة، فاهتمامهم بها سيرضي الناس عنهم. أرادوا ترك بصمات مشرفة، ولو كانت شكلية؛ فشجعوا على الغوص في تفاصيل كثير من العلوم وتشعباتها، وبما لا يشكل خطورة على حكمهم. ثانيا : العصر العثماني (۹۲۳ - ۱۲۱۳هـ ) في سنة ٩٢٣هـ انتصر السلطان العثماني (سليم الأول) على آخر سلاطين المماليك، وبدأ العثمانيون (الأتراك) توسعهم واستيلاءهم على معظم البلاد العربية بالقوة، وساءت أحوال البلاد، وضعفت الحياة الفكرية والعلمية، ولم يبق من مظاهر الفكر والأدب إلا الهزيل المُسفَ، والمَشُوبُ بالقصور والتكلف والتعقيد، وظهر التعصب الديني؛ فقل نتاج العلماء، واقتصروا في الغالب على شرح المختصرات وإيجاز المطولات.