كتاب الادب والنصوص والبلاغة ثاني ثانوي اليمن القسم العلمي 2026

الحياة العربية في العصر العباسي الأول أولا: الحياة السياسية تفاجأت الأمة بالسياسة التي اعتمدها بنو العباس؛ ولا سيما بعد ما رأت الأمة ما رأته من بني أمية، وإلى أي حال وصل الناس، ولأن أنظار الأمة كانت تتطلع إلى أهل البيت في تصحيح الوضع، وإعادة مسار الأمة إلى الصواب؛ فقد استغل العباسيون ذلك لنجاح ثورتهم؛ فأطلقوها باسم أهل البيت، حتى إذا انتصرت انقلب العباسيون على مبدأ ثورتهم، وأخذوا السلطة وساسوا الناس بالحديد والنار. بعد نجاح ثورة العباسيين على الأمويين نقلوا عاصمة الدولة من دمشق إلى الكوفة في العراق، وانتهى بهم المطاف إلى مكان يسمى (بغداد)، فتفنن المنصور في تأسيس بغداد على شاكلة المدن الفارسية والآشورية؛ لتكون عاصمةً حصينة منيعة، قابلة للتوسع العمراني.

ثانيا : الحياة الاجتماعية شاع الترف في أوساط المجتمع العباسي، ولا سيما في الحواضر الكبرى مثل بغداد والمدينة ومكة والكوفة، لما كان للفتوحات الإسلامية المتوسعة باستمرار من دور في رفد خزينة الدولة بثروات الخراج والجزية والغنائم، التي لم يُحسن الحكام العباسيون استغلالها، فاستأثروا بكثير منها لأنفسهم وأعوانهم، وأسرفوا في الإنفاق على القصور والحدائق وأدوات اللهو، وكان رجل الدولة يقتني المئات من الجواري والغلمان، ولا سيما المغنين والمغنيات الذين اكتضت بهم القصور، حتى ظهرت موجة فساد عارمة في أوساط رجال الدولة وغيرهم. ونتيجة لظهور موجة اللهو والمجون، ظهرت في الوقت نفسه - بدعم مباشر أو غير مباشر من الدولة - موجة أخرى مناقضة لها، متمثلة في النزوع إلى التدين، والزهد بنمط غلب عليه المفهوم السلبي للدين الذي لا يبني الأمة، ولا يؤهلها للقيام بالقسط، وتقديم النموذج الإسلامي الشامل، بل كان تحت السقف الذي يضعه الحكام العباسيون، ولا يشكل خطورة عليهم. ثالثا: الحياة الفكرية: كان الحكام العباسيون يهتمون بجوانب من العلم، كاللغة العربية وآدابها في الأقطار الجديدة التي دخلت شعوبها في الإسلام، وبالمقابل الاستفادة من العلوم والمعارف والآداب لدى الأمم الأخرى بترجمتها من لغاتها المختلفة إلى اللغة العربية، وأنشأ المأمون (دار الحكمة) للترجمة. وزاد الاهتمام بعلوم اللغة العربية، وجمع مفرداتها، وجمع أشعار العرب، وخاصةً مع التزايد المستمر في عدد المسلمين الجدد من الشعوب التي تدخل في الإسلام، وتفشي ظاهرة اللحن بين العرب.