كتاب الحديث والفقه ثالث ثانوي اليمن القسم العلمي 2026

في رحاب الحديث ارتبط الوجود البشري من بدايته بالهدى والعلم، فمنذ استخلاف الله للإنسان على الأرض بدأ الهدى الإلهي يواكبه، ويستحه الله العلم اللازم للاستخلاف، والذي يعينه على عمارة الأرض، قال تعالى: ﴿وَعَلَّمَ ءَادَمَ الْأَسْمَاةَ كُلَّهَا ﴾ (المفرد فالله علم آدم أسماء الأشياء الأساسية في الأرض، التي سيحتاج للتعامل معها، وعمارة الأرض بها، قال الله سبحانه: ولنَا أَهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ (البقرة ۳٨) وبهذا تعرف أن العلم الذي يريد الله منا أن نتعلمه هو العلم الذي تتوافر فيه صفتان الأولى: أنه العلم الذي يعين الإنسان على الاستخلاف في الأرض، وعمارتها، وبنائها بمنهج الله. الثانية: أنه العلم الذي يهدي إليه الله، ونمضي فيه بنور هدى الله، ولذلك قرن رسول الله العلم بالهدى في حديث هذا الدرس. فليس العلم محصوراً بما يسميه بعضهم (العلوم الشرعية) في مفهومها الضيق، وليس هو العلم المادي المجرد البعيد عن هدى الله، والذي يرتقي بالجانب المادي، ويهدم الجانب الأخلاقي والروحي، كما في الغرب. وهنا ضرب رسول الله للأمة مثلاً للعلم والهدى الذي جاء به بأنه كالغيث الذي أصاب أنواعا من الأرض، فالأرض الطيبة تقبله، وتنبت منه ما ينفع الناس، ويعمر الحياة وهكذا هي القلوب الطيبة التي تقبل هدى الله، وتستنير بنور العلم النافع. وأما الأرض الأجادب القاحلة، فحفظت الماء، ولم تنيت شجرا وحينئذ انتفع الناس بما حفظته فسقوا أنعامهم، وزرعوا، واستفادوا. أما النوع الآخر فهو كالقيعان القاحلة، التي لا تنتفع بما من الله به من الغيث، وهكذا يكون الناس الذين لا يقبلون هدى الله، فلا يهتدون به لما ينفعهم من العلم، فتجدب

آثار العلم النافع الأثر الإيماني: فمن آثار العلم النافع المقترن بالهدى، تقوية العلاقة مع الله، والمعرفة الصحيحة به، واستيعاب حكمته، وقدرته، والخشية منه، قال تعالى ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَموا ) [فاطر: ٢٨] وهذا الأثر يسمو بالإنسان ويرتقي به، فيمنحه طاقة هائلة وقوة معنوية عظيمة في مواجهة التحديات، ويتحرر بها من قيود وأغلال التوجه المادي المفرط، فلا ينبغي أن يكون طلب العلم محصورا بالسعي للحصول على الشهادة والوظيفة كهدف بحد ذاته. الأثر الأخلاقي من أهم آثار العلم النافع أنه يزكي النفس البشرية، ويربيها على مكارم الأخلاق، ويسمو بها، حتى تعقت مساوئ الأخلاق والجرائم، فالجرائم في الحياة منشؤها خلل في التزكية، وإذا أمسك بزمام العلم من تكون نفوسهم خبيثة طاغية، فسيسخرون العلم لصالح هيمنتهم وطغيانهم، واستغلال البشرية وظلمها، وهذا ما هو قائم في هذا العصر. - استشعار المسؤولية فالعلم الذي يبعث في الناس الأنانية والجمود والقعود واللامسؤولية ليس من العلم النافع. - المنعة والحصانة من الأعداء: يسعى أعداء الأمة من أهل الكتاب ومن معهم إلى تتويه الأمة وإضلالها حتى في مسار العلم، فلا يريدون لنا إلا أن نتعلم أشياء هامشية تحت سقف ما يسمحون به، بما لا يبني الأمة أو يجعلها تستغني عنهم، قال تعالى: وَيُرِيدُونَ أن تضلوا السبيل ) (النساء: ١) فاكتسابنا للعلم النافع يبني أمتنا ويحصنها منهم، وتتخلص به من استغلالهم وهيمنتهم والتبعية لهم.

خالفاء الاختلاف والتنازع قد تحصل الخلافات بين الناس، حتى عندما يتحركون لأداء المسؤوليات الجماعية فتتباين وجهات النظر، وهذه الحالة يجب معالجتها بروج عملية، مع التزام التقوى؛ لأنها تحصل في الواقع العملي، فلا يجوز أن تتحول إلى حالة نزاع، ثم عُقد شخصية، بل يجب ردها إلى القرآن الكريم والرسول والقيادة المؤمنة.